في هذا المبحث نسعى
إلى بيان المقصود من هذا الحق وذلك بإيراد تعريف مناسب له ومن ثم بيان مفهوم هذا
الحق والشروط الواجب توافرها لمباشرة هذا الحق من قبل المساهم وأهمية هذا الحق.
المطلب
الأول
تعريف
حق الاطلاع
للتعرف على ماهية
الشيء لابد من التعريف به ليتجلى المقصود منه وفيما يلي تعريف بحق الاطلاع.
أولاً: تعريف حق الاطلاع لغة:
الحق(1):
من أسماء الله تعالى أو صفاته، قال ابن الأثير هو الوجود حقيقة المتحقق وجوده
والحق خلاف الباطل جمعه حقوق وحقائق، والحق (الملك)، والحق يعني الموجود الثابت
الذي لا يسوغ إنكاره([2]).
الاطلاع: اطلع الأمر: علمه واستطلعه،
سأله عن حقيقة شأنه([3]).
اطلع على الشيء: نظره
وعلمه واشرف عليه([4])،
اطلع على الأمر يطلع طلوعا واطلع عليه اطلاعا واطلعه وتطلعه: علمه وطالعه إياه
فنظر ما عنده([5]).
ثانياً: تعريف حق الاطلاع اصطلاحاً:
أ-
في الاصطلاح القانوني: ليس لحق الاطلاع تعريف في الاصطلاح القانوني فمن
خلال البحث والاستقراء في نصوص قانون الشركات العراقي والقوانين المقارنة لم يرد
تعريف لهذا الحق، فإيراد التعاريف ليس من شأن المشرع بل من شأن الفقه والقضاء.
ب
- في الاصطلاح الفقهي: لقد أورد الفقهاء بضعة تعاريف لحق الاطلاع فقد عرفه
أحدهم بأنه "حق للمساهمين بالاطلاع على سجلات الشركة والحصول على صور
ومستخرجات ووثائق بالشروط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية"([6])،
وعرفه آخر بأنه "اطلاع المساهم على جميع أعمال الشركة من خلال الحسابات
الختامية وتقرير مراقب الحسابات بشأنها وتقرير مجلس الإدارة عن مدى تنفيذ الشركة
لخطة السنة السابقة بعد إرسالها إلى المساهم مع الدعوة لعقد اجتماع الهيئة
العامة"([7])،
إن هذه التعاريف وغيرها مما أورده الفقه تقتصر غالبا على بيان مفهوم حق الاطلاع بوصفه
وسيلة أو هدفاً دون التطرق إلى أساسه وجوهره فلم يكن أي من هذه التعاريف جامعاً
مانعاً مشتملاً على ما يمكن ان يكون من شأنه توضيح مفهوم هذا الحق لذا فقد آثرنا
إيراد التعريف الآتي:-
"حق أساسي.
يكفله القانون للمساهم في الشركة المساهمة بالاطلاع على وثائقها للتعرف على أحوالهاوإداراتها،
مباشراً ذلك الحق بنفسه أو بالاستعانة بخبير. ووفقا للشروط والأوضاع التي يحددها
القانون".
المطلب
الثاني
نطاق
حق المساهم بالاطلاع على وثائق الشركة
حق
الاطلاع أقرته مختلف التشريعات وأيده الفقه بوصه وسيلة تمكن المساهم من أن يُقَوم
عمل مجلس الإدارة ومدى إنجاز المجلس لواجباته والمهمات التي أوكلت إليه باعتبار
ممارسة هذا الحق رقابة غير مباشرة من قبل المساهمين على مجلس الإدارة، بحكم ما
يحصل عليه المساهمون من معلومات عن وضع الشركة مما يتيح لهم قدرة المناقشة
والاستفسار ومن ثم الوقوف على وضع الشركة الحقيقي كما يعد الفقه "إن من شأن
هذا الاطلاع إن يقيم توازنا ضروريا في إدارة الشركة بين هيئة عاجزة أو ليست على
ذلك القدر من الكفاءة في ممارسة اختصاصاتها وبين مجلس إدارة له السيطرة الفعلية
على مقدرات الشركة"([8])
غير أن هناك تنازعاً بين التشريع والفقه المقارنين([9])، فيما يتعلق بنطاق هذا الحق فهنالك رأيان،
أحدهما يدعو إلى تضييق نطاق هذا الحق وآخر يؤكد على ضرورة التوسع فيه ولكل من
الرأيين مسوغاته وحججه وفيما يأتي عرض لكلا الرأيين:-
الرأي الأول:وفيه
يدعو أنصار هذا الرأي إلى التضييق من نطاق حق الاطلاع وذلك بان يقتصر على تزويد
المساهم بحد أدنى من المعلومات وان يقتصر حقه في التحري عن شؤون الشركة ومراقبة
إدارتها في أضيق الحدود فمن الناحية العملية لا يهتم المساهمون بحضور جلسات الهيئة([10]) العامة
مما أدى الى شيوع "ظاهرة هجر الجمعيات العامة"([11])
ولذلك يصح عليهم ما أطلقه الفقيه برو PERROUD "حماية أولئك الذين لا يرغبون في حماية أنفسهم"([12])
وساعد على تفشي هذه الظاهرة كثرة عدد المساهمين وافتقارهم إلى الخبرة الفنية
والإدارية والقانونية([13])
كما أن اطلاعهم على دفاتر الشركة ووثائقها في أي وقت لا يمكن تحقيقه لأسباب كثيرة
منها الحفاظ على أسرار الشركة وعدم عرقلة أعمالها في بعض الأحيان عند الطلب
المتكرر لبعض الوثائق([14])،
وقد أعد البعض أن حق المساهم في الاطلاع على وثائق الشركة المساهمة حق استثنائي،
إذ لا بد من أن يستند طلب المساهم بالاطلاع على غش أو مخالفة للقانون تم ارتكابها
من قبل إدارة الشركة وإن هذا الحق الاستثنائي لا بد من أن يخضع للشروط المنصوص
عليها في عقد الشركة أو نظامها الأساس([15]).
الرأي الثاني:
أصحاب هذا الرأي ومؤيدوه يدعون إلى توسيع نطاق هذا الحق وذلك من خلال تمكين
المساهم من التحري والاستقصاء وإسهامه في إدارة الشركة وكفالة الوسائل الضرورية
والتي تحقق للمساهم المشاركة الفعالة في تقرير شؤون الشـركة وتحقيـق الرقابـة على
إدارتـها، وينال هـذا الرأي تأييد غالبية الفقه([16])
وكما يقول الفقيه الفرنسي تونك "بان الوقت قد حان لمنح المساهم الوسائل
اللازمة لممارسة رقابة فعالة على الشركة"([17]).
وبالرغم
مما ساقه أنصار ومؤيدو الرأي الأول من حجج ومسوغات إلا أنه من الممكن تفنيدها، فمع
تطور وسائل الاتصال في وقتنا الحاضر وكذلك الحال في تطور طرق النشر والتوثيق
وتنظيم المعلومات وعرضها([18]) والذي
له الأثر الكبير في تسهيل مهمة اطلاع المساهمين على وثائق الشركة مهما بلغ عدد
المساهمين، أما فيما يتعلق بافتقار المساهمين إلى الخبرات الفنية والإدارية
والقانونية فإنها ليست بمعضلة لا مكانية تجاوزها من خلال الاستعانة بخبراء من ذوي
الاختصاص.
يتبين
مما تقدم ان توجه القوانين لإقرار حق الاطلاع للمساهم والتوسع فيه يعد أمراً
سليماً لما في هذا الاطلاع من تكوين تصور واضح لما سوف يطرح في اجتماعات الهيئة
العامة إلى الحد الذي يمكن المساهم من صياغة آرائه وملاحظاته على مواضيع الاجتماع
وفي ذلك تحقيق لمصلحة الشركة والمساهم معاً عندما يتم اتخاذ القرارات بعد دراسة
وحساب لجميع الاحتمالات دون تسرع وارتجال، وخلاصة القول فان التوسع في نطاق حق
الاطلاع المتمثل بالرأي الثاني هو الأرجح وسندنا في ذلك تشريعات القوانين المقارنة
التي تأخذ بالمفهوم الواسع لهذا
الحق فقانون الشركات الفرنسي ذي الرقم
24 تموز 1966 المعدل والمرسوم ذي الرقم 23 آذار 1967 دعم حق المساهم في الاطلاع
وذلك من خلال التوسع في مقدار المعلومات ونوعها والتي تلزم بدورها إدارة الشركة
باطلاع المساهم عليها([19])،
وقد نحا المشرع المصري منحى المشرع الفرنسي في قانون الشركات المصري النافذ وترك
للائحته التنفيذية تحديد ما يجوز للمساهمين العلم به وكيفية استخدام هذا الحق([20])
وبالرغم من ان قانون الشركات العراقي وكذا الأردني وقانون التجارة السوري وكذا
اللبناني اخذوا بالاتجاهات التشريعية الحديثة من خلال إقرار هذا الحق ومنحه
للمساهم في الشركة المساهمة إلا انه ما يأخذ على هذه القوانين انها لم تتولَ
تنظيماً دقيقاً ومباشراً ومحدداً لهذا الحق.
([13]) انظر
في ذلك. د. محمد حسن الجبر، القانون
التجاري السعودي، مطابع جامعة الملك سعود، 1982، ص 293، د. جلال وفاء محمدين،
المبادئ العامة في القانون التجاري والبحري، الدار الجامعية، 1989، ص193، د. مصطفى
كمال طه، القانون التجاري، القاهرة، 1989، ص376، د. لطيف جبر كوماني، شرح قانون
الشركات الأردني، دار الابجدية للنشر والتوزيع، عمان، 1994، ص203.
([16]) انظر
في ذلك. د. فوزي عطوي، القانون التجاري، دار العلوم العربية لطباعة والنشر، بيروت،
ط1، 1986 ص 358، عباس مرزوق فليح العبيدي، مصدر سابق ص194، د. عبد الفضيل محمد
احمد، مصدر سابق، ص87، د. السيد محمد اليماني، حماية حقوق مساهمي الأقلية في
الشركة التابعة لشركة قابضة، ص76، د. احمد بركات مصطفى، حماية أقلية المساهمين في
شركات المساهمة، بحث منشور في مجلة الدراسات القانونية، تصدرها كلية الحقوق، جامعة
اسيوط،/ العدد السادس عشر، 1994، ص229.
([20]) انظر
الفقه المصري. د. احمد بركات مصطفى، مصدر سابق، ص229 وما بعدها، كذلك د.السيد محمد
اليماني، حماية حقوق مساهمي الأقلية في الشركات التابعة للشركة القابضة،ص 79، كذلك
د. محمود سمير الشرقاوي، الشركات التجارية في القانون المصري،دار النهضة
العربية،القاهرة،1986،ص236،كذلك د.احمد محمد محرز،القانون التجاري، ص703.
أفضل خدمات سوف تحصلون عليها من خلال شركتنا المتميزة و هي واحدة من أهم و أفضل شركات امنية بمصر و التي تحرص علي تقديم مستوي خدمات ممتازة.
ردحذفللتواصل الآن عبر:-
https://guardsecuritycompany.wordpress.com