السبت، 18 يناير 2014

الإيجاب في العقود الإلكترونية

لم تورد معظم التشريعات الوطنية الخاصة تعريفاً محدداً للإيجاب في عقود التجارة الإلكترونية([1]) على الرغم من اعترافها بجواز التعبير عن الإيجاب بالرسائل الإلكترونية ، إلاّ أن هنالك تعريفات من قبل الفقه ، حيث يعرف الإيجاب بأنه (التعبير البات عن إرادة شخص يتجه به إلى شخص آخر يعرض عليه التعاقد بأسس وشروط معينة)([2]).
كما عرف الفقه الإنكليزي الإيجاب The offer  بأنه بيان لرغبة الشخص الذي أصدره في التعاقد على وفق الشروط المذكورة فيه([3]).
An offer is astatement that the person making it is willing to contract on the terms stated /4/
كما عرفه الاتحاد الأوربي بأنه (كل اتصال عن بعد يتضمن كل العناصر اللازمة بحيث يستطيع المرسل إليه أن يقبل التعاقد مباشرة ، ويستبعد من هذا النطاق مجرد الإعلان)([4]). فإذا كان الإيجاب قد وجه إلى شخص معين أو أشخاص معينين ترتب عليه الأثر ، والسبب هو تعيين الشخص المقصود بالإيجاب ، ولكن إذا تم توجيه الإعلان عن السلعة أو البضاعة إلى الناس كافة فهذا العرض لا يعدّ إيجاباً وإنما هو دعوة للتفاوض لأنه يقصد بعمله هذا التعريف والترويج لتلك البضاعة ، ولهذا تنص المادة (80/2) من القانون المدني العراقي على أن : "أما النشر والإعلان وبيان الأسعار الجاري التعامل بها وكل بيان آخر متعلق بعروض أو بطلبات موجهة للجمهور أو للأفراد فلا يعتبر عند الشك إيجاباً ، وإنما يكون دعوة إلى التفاوض".
ويعتبر الإيجاب الإرادة الأولى([5]) التي تظهر في العقد ولذلك يمتاز بناحيتين هما:
1.    أن يكون باتاً ، أي أن يكون صادراً عن نية باتة في التعاقد .
2.    أن يكون متضمناً لجميع العناصر الأساسية للعقد المراد إبرامه بحيث يتم العقد بمجرد أن يقترن به قبول مطابق له([6]).
        كما أنه لا يشترط في الإيجاب الإلكتروني شكلاً معيناً ، إذ تنص المادة (12) فقرة (1) من القانون النموذجي للتجارة الإلكترونية (الاونسترال) بأنه (في العلاقة بين منشئ رسالة البيانات والمرسل إليه ، لا يفقد التعبير عن الإرادة أو غيره من أوجه التعبير مفعوله القانوني أو صحته أو قابليته للتنفيذ لمجرد انه على شكل بيانات). ويسقط الإيجاب في حالتين :
الأولى : أن يرفض القابل هذا الإيجاب .
الثانية : أن تنقضي المدة التي يلزم خلالها الإيجاب .
        وقد يقوم الإيجاب دون أن يكون ملزماً كالإيجاب القائم الصادر في مجلس العقد، وهو يقابل الإيجاب غير محدد المدة بين غائبين ، في هذه الصورة لا يسقط الإيجاب إلاّ في ثلاث حالات ، هي :
1.     أن يعدل عنه الموجب قبل انفضاض المجلس .
2.     أن يصدر من أحد المتعاقدين في المجلس قول أو فعل يدل على الإعراض عنه([7]).
3.     أن ينفض المجلس دون أن يقترن الإيجاب بالقبول ولا عبره بالقبول بعد العدول أو الإعراض أو انفضاض المجلس .
أما عن بيانات الإيجاب في القوانين الأجنبية فنذكر منها القانون الإنكليزي والفرنسي .
إذا كان القانون الإنكليزي ، يتضمن قبل نفاذ تعليمات الاتحاد الأوربي المذكورة سابقاً ، تنظيماً قانونياً للإعلانات المتعلقة بالبيوع عن بعد([8]) يشترط في الإعلان أن يكون قانونياً ورقيقاً وقريباً وصادقاً ، كما يجب أن يتضمن الإعلان الاسم الكامل للمعلن وعنوانه والخصائص الأساسية للسلعة أو الخدمة ومقدار تكاليف النقل ورسم القيمة المضافة وبيان أي قيود أو شروط للعرض يمكن أن تؤثر في صحته والميعاد المتوقع للتسليم وبيان إمكانية رد السلعة وإذا تضمن الإعلان شرطاً يستلزم اتصال المستهلك شخصياً بالمعلن فيجب أن يظهر هذا الشرط بوضوح في الإعلان .
وقد سار تقنين الاستهلاك الفرنسي على نفس النهج الإنكليزي فهو يوجب على المورد (المعلن) إعلام المستهلك بالخصائص الأساسية للسلعة أو الخدمة محل التعامل وبالثمن والشروط العامة للبيع والتاريخ المحدد لتسليم السلعة أو تقديم الخدمة ، ولذلك فإن العرض الذي يتضمن أن الإيجاب يسري لحين نفاذ المخزون ، هذا العرض لا يستجيب للاشتراطات القانونية ما دام العرض على شبكة اتصال إلكترونية لا يقوم على دعائم مادية وبالتالي لا يمكن تحديد تاريخ بداية ونهاية هذا العرض على نحو دقيق([9]). إذ يجب على المعلن أن يبلغ المستهلك بمدة سريان العرض بطريقة واضحة .



([1])  منها القانون المدني العراقي والقانون المدني المصري رغم إيرادها الأحكام القانونية للإيجاب.
([2])  عبدالمجيد الحكيم ، عبدالباقي البكري ، محمد طه البشير ، الوجيز في نظرية الالتزام ، ج1، مصادر الالتزام ، دار الكتب للطباعة والنشر ، جامعة الموصل ، 1980 ، ص38 .
([3])  د. مجيد حميد العنبكي ، إنشاء العقد في القانون الإنكليزي ، مجلة جامعة صدام للحقوق ، العدد 3 ، 1999 ، ص70  .
)4) Treitel  the law of contract,3 edition 1970,p-7 .
([4])  وفقاً لتعليمات الاتحاد الأوربي المرقمة 7/1997 حيز النفاذ في أقاليم أعضائه في 4/6/2000 إذ جاء توجيها لحماية حقوق المستهلكين في العقود التي تبرم عن بعد . نقلاً عن : أسامة عبد الحسن مجاهد ، المصدر السابق ، ص 69.
([5])  تنص المادة (77) ف1 من القانون المدني العراقي على أن (الإيجاب والقبول كل لفظين مستعملين عرفا لإنشاء العقد وأي لفظ صدر أولاً فهو إيجاب والثاني قبول) وتعمد المشرع العراقي تأكيد على أن الإيجاب هو الإرادة التي يعلن عنها أولاً. كما أخذ القانون الأردني بنفس الاتجاه. المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الأردني ، ج1 ، ص98 ، نقلاً عن : د. حسن علي الذنون و د. محمد سعيد الرحو ، النظرية العامة للالتزام ، مصادر الالتزام ، ج1 ، ط1 ، دار وائل للطباعة والنشر ، عمان - الأردن ، 2002 ، ص63 .
([6])  محمد لبيب شنب ، مصادر الالتزام ، بيروت ، 1976 ، ص104 .
([7])  المادة (82) من القانون المدني العراقي ، والتي تنص على : "المتعاقدان بالخيار بعد الإيجاب إلى آخر المجلس . فلو رجع الموجب بعد الإيجاب وقبل القبول أو صدر من أحد المتعاقدين قول أو فعل يدل على الإعراض يبطل الإيجاب ولا عبره بالقبول الواقع بعد ذلك". 
([8])  تضمنه كل من تقنين الإعلانات وتقنين تنمية البيوع Sales Promotion طبقاً للطبعة السادسة لعام 1995 ، وعلى الرغم من أن التقنين الأول ليس له قوة القانون بالمعنى الدقيق إلاّ أن مخالفة الإعلان لقواعده يسمح باستصدار أمر من السلطات المختصة بمنعهم وهو ما يمكن انطباقه على الإنترنت ، رو ، مجلة محامي الأعمال الدولي ، 1998 ، ص 165 . 
(1) Heau, Inter net et le droit: Aspects Juridrique du commerce electronique, Ed, Exrolles, Paris,1998, P. 4.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق