إن العلاقة التي تربط طرفي عقد النقل
كانت محكومة بمبدأ الحرية التعاقدية قبل تشريع قانون هارتر الأمريكي وإبرام
معاهدات سندات الشحن، فكانت سندات الشحن تتضمن شروطا عديدة لإعفاء الناقل من
المسؤولية، قسم منها ذو طابع عام كالقضاء والقدر، ومخاطر البحر، والعيب الخفي،
وقسم آخر أوجدته الأحكام القضائية في القرن الثامن عشر أدت بالناقلين إلى تضمين
سندات الشحن شروطا عرفت بشروط الإعفاء أو شروط الإهمال، وهذه الشروط لم تقتصر على
الإعفاءات القديمة ذات الطابع العام فقط بل صيغت لحماية الناقلين من المسؤولية
الناجمة عن أخطار البحر وأخطار الملاحة، وعلى اثر ظهور هذه الشروط وانتشارها في
جميع الدول البحرية وقبول القضاء بها، بدأ الناقلون بإعفاء أنفسهم من كل مسؤولية
حتى تلك الناجمة عن أخطائهم الشخصية(1)0
وما درج عليه الناقلون من تضمين عقود النقل شروط إعفائهم من المسؤولية خاصة
شرط الإهمال negligence clause
أدى إلى إعفاء الناقل من أي تلف يصيب البضاعة بسبب أفعال تابعيه البحريين، سواء
أكانت أخطاء ملاحية أم تجارية وسواء أكانت صادرة عن غش منهم أم نتيجة إهمال،
وازدادت نتيجة لذلك الخسارة التي تلحق بالبضائع أثناء نقلها بسبب عدم إشراف الناقل
واطمئنانه إلى عدم مسؤوليته وفقا للشروط المنصوص عليها في العقد، فازدادت شكوى
الشاحنين(2)0وشرط
الإعفاء من المسؤولية هذا ظهر في إنكلترا أولا، ثم انتقل إلى البلاد الأخرى فاقره
القضاء الفرنسي في عام 1864 وفي عام 1869 معتبرا أن شرط الإعفاء صحيح ولا يتعارض
مع النظام العام في فرنسا(3)0 ومما زاد من
شكوى الشاحنين بهذا الخصوص أن عمليات النقل الملاحية أصبحت حكرا على عدد من شركات
الملاحة الكبرى
|
(1) د0 احمد محمود حسني،
النقل الدولي البحري للبضائع، الطبعة الثانية، منشأة المعارف بالإسكندرية،1989،
ص22.
(2) د0 سميحة القليوبي،
القانون البحري، دار النهضة العربية، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي، 1987،
ص283.
(3)ينظر نقض فرنسي 23
شباط سنة 1864 دالوز 1864 –1-166 ونقض فرنسي 20 كانون الثاني سنة 1869 دالوز 1869
–1-94 نقلا عن د0 عبد الرحمن سليم، شروط الإعفاء من المسؤولية طبقا لمعاهدة سندات
الشحن، مطبعة اتحاد الجامعات،1956، ص 10.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق